حوار مع النفس
بقلم على حلبيميدانيوقفت كثيرا أمام إحدى الأبحاث التى تفيد باكتشاف جهاز يستطيع التغلغل داخل الذاكره البشرية ومحو الذكريات السيئه منها , ورغم أن هذا الخبر الذى جاء فى أحد المواقع الإلكترونية , أسعدنى كثيرا , إلا انه جذبنى كالأمواج العاتيه الى اعماق ذكرياتى السيئه , فقد اطلت جميعها برأسى , وكاننى سكبت الزين على شعله مازال رمادها يؤرقنى , .. لم اتجادل كثيرا مع نفسى فانا اعلم ان الاوان قد فات , وان الموقعه الكبرى بينى ونفسى اتيه لا محاله , لملمت اوراقى وذهبت الى المنزل , فرغم انى مجبر على المواجهه الا ان اختيار مكان المعركه كان حقا اصيلا لى .
معلومه
ربما يرى البعض ان كتاباتى لا تحمل فى طياتها سوى الياس والاحباط , لا تنظر سوى للمنطقه القاتمه فى حياتنا , والسؤال هنا , اتشعر انت انك بخير ؟؟ اتشعر بان هذا البلد يحمل لنا شعاع امل واحد ؟؟ , كما اتى فى نهاية الامر لا اريد التاثير على احد بهذه الكتابات او ابتغى منها الشهره والمجد , بل هذه تعبر عنى , عن ما اشعر به , انا فقط .
البداية
وصلت الى منزلى وقد بدا على جهى انى مقبل على شىْ ما , لكنى لم استسلم دفعة واحده , لم ارغب فى ان اكون فريسه سهله لهذه المواجهه, انما امسكت بهاتفى وبحثت فى الاسماء الكثيره المدونه عليه , لكنى سرعان ما القيت به بعيدا فالرقم الوحيد الذى يستطيع صاحبه ان ينتشلنى من كل هذا , غير متاح , من المؤكد انه متاح الان لغيرى , ولكن ليس لى , اشعلت جهاز التليفزيون ربما اجد فيه ما يفرج عنى , الا اننى لم اجد سوى شريط من الذكريات يسير على الشاشه , وهنا طرات على بالى فكره اخيره , نهضت مسرعا كالمجنون ابحث عن الحبوب المنومه التى بت الجا اليها مؤخرا , فقد وجدتها بعد ان غيرت معالم غرفتى , لا اذكر كم ابتلعت من اقراص , ولكن اعضائى هدات كالمدمن الذى حصل على جرعته , درت ببصرى فى الغرفه حتى ثبتت على رواية انا عشقت , قلبت صفحاتها فى هدوء حتى ياتى النوم , ولكنه لم يات , وكان حبوب النوم قد تحالفت ضدى ككل شىْ حولى , اصبحت كالغريق الذى يبحث عن طوق نجاه , اخرجت كومة الاوراق من قاع حقيبتى ,, مررت بعينى على المشاهد الاخيره من مسلسلى , ولكن سرعان ما مللت , فلم تغرينى هذه الصلابه التى يدارى بها ابانوب ياسه , رغم انهياراته الداخليه , رغم كل ما عاناه , لم يجذبنى دلال رضوى , الحب الطاغى لساره , فقد مللت هذه الشخصيات الورقيه , رغم انها صنيعتى , انا من اتحكم بمصائرها .
بداية الهجوم
لحظات قليله وبدا الهجوم الضارى , وكان هذه الذكريات عدو انتظر ان افقد ما تبقى من قوتى فى محاولة الهرب , ثم انقض على وقد اصبحت لقمة صائغه , فريسه سهله المنال , ولان الاحداث دائما ما تكتسب اهميتها بمدى تاثيرها عليك , فقد جاءت الثوره فى مقدمة هذه الذكريات , فعندما تصل الى هذه اللحظه التى تتواجه فيها مع نفسك , ستصل الى قناعة ما , وقناعتى اننا نحن لا احد غيرنا , ما تركنا ثورتنا تضيع فى مهب الريح , فقد اصبحنا كالخرقة الباليه التى يتقاذفها العسكر والاخوان فيما بينهما , لا اتحدث هنا عن التضحيات التى قدمها الكير منا , او عن الثقوب والجروح التى ما زالت شاهد عيان على ما قدمناه , بل اتحدث عن النضج الثورى الذى كان سيجنبنا كل هذه الاحداث , اتحدث عن هؤلاء الذين صعدوا فوق اكتافنا حتى يصلوا الى ما هو ابعد من الثوره , عن من وثقنا بهم , وعتفنا لهم , عن هؤلاء اللذين نعلم جيدا نواياهم , ولا نملك سوى التهامس عنهم فيما بيننا , اتحدث عن الثوره التى ضاعت بسبب تصارعنا , وعشوائيتنا , وجهلنا ,
زفرت نفسا طويلا وكانى احاول اخراج شىْ ما علق بحلقى , لم استطع الاحتفاظ بدموعى , فقد تدفقت غزيره , شعرت بدفئها وتذوقت طعمها المالح , لم اشعر بقدمى وهى تسير نحو الحمام , رشقت وجههى ببعض الماء , نظرت الى المراه للحظات , كدت افقد فيها عقلى ولكن سرعان ما انهالت على الذكريات وجذبتنى الى منطقة اخرى اكثر جنونا , فقد وجدت نفسى امام هذه اللحظه المهيبه التى خرج فيها والدى محمولا فوق تابوت خشبى , فرغم انى قلبى كان يحدثنى بخطب ما فى هذه الليله الا اننى وصلت متاخرا كعادتى , فلم استطع رؤية ملامحه فى لحظاته الاخيره , او تلقينه الشهاده , لم يهمس لى بوصيته الاخيره , بهذه الكلمات التى نظل نحتفظ بها حتى رحيلنا , بل تركت كل هذا لاشقائى الصغار .
اشتدت حالتى سوءا ولكن هذا الانهيار الذى بدا جليا وواضحا على وجهى لم يشفع لى عند هذه الذكريات , بل زادها ضراوه , فقد تجسدت امامى وجوه من تسببوا فى المى , لم اشعر وقتها بالكره ناحيتهم , فلم اذكر انى حقا كرهت احدا من قبل حتى لو تظاهرت بعكس ذلك , بل احسست بالغباء , الغباء فى ان اعطى كل ما املك الى من احب , ان افتح كل ابوابى الموصده لكل من اقترب منى , دون حذر , فاصبحت كالدفتر الذى قرات كل كلماته واصبح بلا جدوى , ولم احتفظ بشىْ لنفسى , لى انا بعد ان انهارت كل قواعدى واصبحت كالسجين الذى صعق ب 100 فولت من الكهرباء , سقطت ارضا , لم اقوى على النهوض , لم اقوى على التفكير , الانتحار , التذمر , اى شىْ .. لم اعد اقوى على شىْ !! .