بعكس النظريات السابقة... السمكة مخلوق ذكي
كتبت سارة أحمد محمدميدانييضرب المثل بشدة ضعف ذاكرة الأسماك كما اعتاد الباحثون اعتبارها أغبى أنواع المملكة الحيوانية وأبطئها تعلماً. لكن يبدو أن الأسماك ليست قليلة الذكاء بالقدر الذي تبدو عليه، فوفقا للدراسة العلمية التي نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، تبين أن الأسماك تستطيع التعرف على نفسها في المرآة.
اختبار المرآة
يعتبر التعرف على انعكاس صورة أي كائن حيواني في المرآة أحد الاختبارات الأساسية للذكاء الحيواني. ويمكن لثلثي الرضع التعرف على صورهم في المرآة في الوقت الذي يبلغون فيه سن 18 شهراً، كما هو الحال بالنسبة للشمبانزي والفيلة، ولكن ليس في حالة الكلاب والقطط أو بعض القرود والببغاوات التي تبدو ذكية.
رد فعل ذكي
لقد فاجأت أسماك، من فصيلة الرأس أو اللبروسية، العلماء من خلال امتلاكها لنفس القدرة على الرغم من أدمغتها صغيرة الحجم. فعندما تعرضت الأسماك لمرآة، بدت أنها تلاحظ علامات ملونة على رؤوسها، والتي حاولت بعدها أن تتخلص منها بالحك في الصخور والحصى في أحواض المياه التي تعيش بداخلها.
الوعي الذاتي للسمكة
ويقول دكتور أليكس جوردان، الذي قاد الدراسة من معهد ماكس بلانك لعلم الطيور وجامعة أوساكا سيتي في اليابان: "إن السلوكيات التي نراها تترك مجالا للشك في أن هذه السمكة تستوفي جميع معايير اختبار المرآة كيفما وضعت بالأساس".
ويضيف قائلا: "ولكن ما يبدو أقل وضوحا هو ما إذا كان ينبغي اعتبار هذه السلوكيات دليلا على أن الأسماك لديها وعي ذاتي، على الرغم من أن مثل هذه السلوكيات في الماضي، تم تفسيرها على أنها الوعي الذاتي في العديد من الحيوانات الأخرى".
حقن بصبغة بنية اللون
وتعيش أسماك اللبروسية في الشعاب المرجانية الاستوائية، وتخدم غرضا مفيدا في تنظيف الطفيليات من على ظهور الأسماك الكبيرة.
ولمعرفة ما إذا كان بإمكانها التعرف على صورتها المتطابقة في المرآة، قام العلماء بحقن كميات صغيرة من الصبغة البنية في حناجر تلك الأسماك ورؤوسها لتبدو كطفيلي. وحاولت الأسماك إزالة العلامة بعد رؤيتها في المرآة.
محاولة خداع الأسماك
وللتحقق من أن الأسماك تتعرف على أنفسها في المرآة، قدم الباحثون لهم سمكة مماثلة تحمل نفس العلامة بالصبغة البنية من خلال حاجز شفاف.
ولم تنخدع الأسماك، حيث إنها توقفت عن محاولة إزالة العلامة البنية عن أجسامها.
ولا تسبح أسماك اللبروسية، إلى حد ما، في وضعية رأسا على عقب، ولكن بعضها فعل هذا 36 مرة في خلال ساعة أمام المرآة، مما يشير إلى أنهم كانوا يراقبون انعكاساتهم. وتحركت الأسماك حتى تتمكن من رؤية العلامات على رؤوسها بشكل أوضح، وتصرفت بشكل عدواني تجاه السطح العاكس.
شكوك العلماء
لذلك، فإن الأسماك كانت راضية عن كل اختبار للوعي الذاتي، رغم أن الخبراء ما زالوا متشككين، حيث وضعوا احتمالا ولو ضئيلا بأنه ربما الأسماك التي تلحظ علامات على وجوها تمارس سلوكا طبيعيا بمحاولة كشطها.
كما أن افتقار الأسماك ككائن بلا أيدي وأذرع أو أعناق مرنة يجعل من الصعب الجزم بحكم نهائي على كيفية تفاعلها مع انعكاساتها.
اختبارات أخرى
وفي رده على الدراسة، التي نشرت في الدورية العلمية PLOS Biology، نشر بروفيسور فرانس دو فال، وهو باحث رئيسي في جامعة إيموري في الولايات المتحدة، تعليقا في نفس الدورية قال فيه: "يتعين علينا لاستكشاف مزيد من الوعي الذاتي للأسماك أن نتوقف عن اعتبار رد الفعل أمام المرآة اختبارا. ويمكن أن يبدأ التحقق من ذلك فقط مع خلال وجود نظرية أكثر ثراء للذات وبطارية اختبار أكبر، وعندئذ سيمكن تحديد جميع مستويات الوعي الذاتي المختلفة، بما في ذلك المكان الذي يلائم الأسماك بدرجة جيدة".