قمامة لبنان ولحمة مصر وكهرباء العراق.. احتياجات الحياة تدهس شعارات «الربيع العربي»
كتب- حسن عادلميدانيحالة جديدة من الغليان تعم المجتمعات العربية هذه الأيام، لكن هذه المرة لم تشهد رفع شعارات التغيير والثورة، بعد أن توارت شعارات الربيع العربي من حرية وعدالة اجتماعية، وطالب إسقاط الأنظمة، أمام متطلبات الحياة اليومية.
وشهدت الأيام الماضية، تدشين حملة "مقاطعة اللحمة"، والتي لاقت رواجًا بين المصريين اعتراضًا على ارتفاع أسعار اللحوم وجشع الجزارين، فيما تفجرت الأوضاع في لبنان بسبب القمامة، وخرج مئات الآلاف من المتظاهرين معترضين على فساد الحكومة في ملف شركات النفايات تحت شعار "ريحتكم طلعت"، في الوقت نفسه الذي اشعلت انقطاعات الكهرباء مع حرارة الصيف غضب العراقيين الذين خرجوا احتجاجًا على سوء الخدمات والفساد؛ ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى الإعلان عن حزمة إصلاحات لمواجهة الفساد.
وإن كان بعض المراقبين قد رأوا في تلك الحوادث مؤشرًا جديدًا لارتفاع الوعي العربي، واكتشاف الجماهير للاحتجاجات كوسيلة لتحقيق مطالبها دون عنف أو سفك الدماء، مما يعد تطورًا جديدًا يعني توصلهم لوسائل جديدة للاحتجاج أو الضغط على السلطات الحاكمة.
إلا أن فريقًا من الخبراء، يرى أن هذه الاحتجاجات تمثل "مؤشر خطر"، لما يمثله ـ وفقًا لرؤيتهم ـ من انخفاض لسقف المطالب، مؤكدين أن الأنظمة العربية نجحت في السيطرة على مقدرات شعوبها وترشيد مطالبهم في عدد من المطالب الفئوية، بعيدًا عن الأزمات السياسية العميقة التي تعاني منها المجتمعات العربية.
ويذهب فريق ثالث إلى رؤية أكثر تفاؤلًا وأوسع نطاقًا من سابقيها، مؤكدين أن الاحتجاجات القائمة حاليًا، تحمل احتمالية التصاعد، خاصة أنه مضمونها مغاير تمامًا لشكلها الفئوي، وتمثل احتجاجات على ممارسات سياسية للنظم، ويستوجب حلها قدرة النظم الحاكمة على التعاطي مع تلك المشاكل وحلها، فضلًا عن قدرته على إدارة حوار يرقى لتطلعات المحتجين.
وبالرغم من اختلاف الرؤى بين المراقبين، إلا أن السؤال الذي بقي دون رد واضح منهم، متروكًا للأيام القادمة لوضع إجابة واقعية له، هو مدى تطور تلك الاحتاجات؟، وهو ستقتصر على كونها مجرد احتجاجات فئوية؟ أم أنها تمثل إرهاصات موجة ثانية من "الربيع العربى" مشابهة للأوضاع السابقة للثورات العربية التي قلبت المنطقة رأسًا على عقب خلال السنوات القليلة الماضية.