• 16 شوال 1445
  • 25 أبريل 2024

رأى ميداني

الطريق من «الاتحادية» إلى «طرة»

ميداني

قديمًا.. عندما كان يقع أحد الجنود في أيدي عدوه، كان يتحمل الألم في جلد وصبر، كان يعلم أن لتضحياته ثمن، فهو يعلم أن بلاده ستتفاوض من أجله، ستحارب إن لزم الأمر، يعلم أن هناك في مكان ما من سيستقبلونه كالأبطال، ستدق الطبول من أجله، سيرفع على الأعناق، وتدوي الهتافات له، سيقيد اسمه في الخانات المخصصة للأبطال، سيذكر التاريخ اسمه دومًا، لكن أن تقع في الأثر داخل بلادك، تُرَىَ ماذا سيكون مصيرك ؟!!.


"المسيرة"


حروب عديدة يجب أن تخوضها حتى تحيى كيفما تشاء، كإنسان، حروب مع الألسنة التي قد تطولك مع الخيانات، الروتين، الفساد، النظام وهذه أقصى الحروب ضراوة.
تجمعنا كعادتنا في الموعد المحدد، لم يتخلف أحد، سرنا بخطوات بطيئة واثقة، ارتفعت الهتافات، انتابتني تلك القشعريرة من فرط الحماس، نظرت إلى هذه الوجوه التي أحفظ تفاصيلها جيدًا وكأنني اكتسب منها الطمأنينة، هتفت وردد الجمع من بعدي، ترجلت حتى يأخذ زميل آخر لواء القيادة، لحظات وجاءت الأصوات مضطربة من الخلف، عدت مسرعًا، بحثت حولي عن شيء أدافع به عن المسيرة أمام هجوم "البلطجية"، لم أجد سوى بعض الأصدقاء الثابتين وقطع من الحجارة على الأرض، تناولناها، قذفناها بكل ما أوتينا من قوة استمر الكر والفر لدقائق قليلة كانت كفيلة بخروج الفتيات وكبار السن بأمان، انطلقت بعدها هذه السيارات الرابضة خلفنا، ألقوا علينا كل ما يملكون من أسلحة، غازات مسيلة للدموع حجبت عنا الرؤية، طلقات خرطوش اخترقت أجسادنا، طلقات حية أفزعتنا، حاولنا الهرب ولكن فات الأوان.

انقض على عدد كبير من الجنود لا يتناسب مع حجمي الضئيل، انهالوا علىَّ ضربًا، لم تشفع لي الدماء التي سالت من وجهي كشلال يسقط من فوق هضبة عالية، بل زادتهم حدة، ألقوا بي في سيارة مكشوفة وانطلقوا مسرعين وكأنهم صيادون مهرة حصلوا على فريستهم.


" طرة "


انتهت الأيام الأولى بتفاصيلها المزعجة، فقد خفت هذا الضجيج حولنا، حتى جراحنا قد فقدت حدتها وكأنها تخشى العقاب، وأصبح الأبيض من حولنا، الملابس، الجدران، الأسرة، الملاءات، كل شيء.
لا أدري كم غفوت، فهنا الدقائق تسير ببطء ورتابه، حاولت النهوض لكن دون جدوى، فلازالت بصمات المعركة على جسدي بقوة، نظرت حولي لم أجد سوى عيون أصدقائي "مبحلقة" في الفراغ، كانت وجوههم متعبة، لا يقوا على الكلام، تبادلنا النظرات في صمت، أغمضت عيني في هدوء محاولًا تقبل الوضع، لكن صدري قد ضاق، فتسربت رغمًا عني بعض القطرات من الدموع، لا أعلم لماذا، فأنا لا أخشى البقاء خلف هذه الجدران، وليس لدى ما أشتاق إليه كثيرًا في الخارج، فهنا سجن صغير وهناك سجن كبير، لكني ربما أبكي بلادي في هذه اللحظة، لا أدري لكني جففت ما تبقى من دموع وحاولت النوم.


"الهواجس"


في الصباح حاولنا الخروج من حالة الصمت المقدع التي تحيط بنا، تبادلنا القصص، الحكايات، لكن لم يجرأ أحد على التحدث عن مستقبلنا، فهذه المنطقة القاتمة كفيلة بأن تفتح جراحًا مازالت ملتهبة لم تلتئم بعد، كان الحديث هو كل ما نفعله لأيام عديدة، هو الوسيلة الوحيدة للهرب من الواقع المخيف إلى نبض الكلام ، لم نعد نجد ما نقوله، وساد الصمت مرة أخرى، انسحب البعض في هدوء، وكنت منهم، وانتابت نوبات الجنون بعضنا، ظلوا يلعنون ويسبون النظام وكل من حولهم في غضب، ارتطموا بالجدران والأبواب، ضربوا كل ما قابلوه في طريقهم حتى أن أجسادهم كانت تسيل منها الدماء، حاولنا التدخل للسيطرة عليهم، لكن دون جدوى فقد طالتنا الضربات واللكمات، لم يستمر الوضع كثيرًا فقد خارت قواهم وجلسوا يبكون كالأطفال، لم نحاول تهدئتهم فهذه اللحظة لها قدسيتها الخاصة ولا يحق لأحد إفسادها، انتهى اليوم وبدأ آخر جديد، دقائق تسير ببطء، هواء كثيف يدعو للاختناق أكثر من للاستنشاق، سلسلة لا متناهية من الملل، لم أبارح فراشي، فليس هناك ما يستلزم ذلك، إنما خرجت بعقلي إلى هناك، خارج هذه القضبان، تذكرت وجه أمي في هذه اللحظات، كم أشتاق إليها كم أتتوق لاحتضانها، ترى كيف كان وقع هذا الحادثة عليها، أعلم أنها ستبكيني كثيرًا، ستتحول حياتها إلى جحيم، ستدعو لي، نعم ستطلب من الله أن يحميني في كل صلواتها، وأصدقائي في الحركة، ترى ماذا سيفعلون؟ هل سينقشون صورتي واسمي على الجدران، سينظمون المسيرات من أجلي؟ سيخترقون هذه الجدران إن لزم الأمر؟ أم أن ذكراي ستتلاشى شيئًا فشيئًا أمام ضغوط هذه الحياة القاسية، نهضت من فراشي بصعوبة دورت حول المكان في صمت، ثم جلست على الأرض في ركن منه وقد ضاقت أنفاسي وأصبحت متلاحقة، ثم تبدل الأبيض بالأسود الحزين، تسرب داخلي إلى أن غمرني.


"لحظات الأمل"


في الأيام القليلة السابقة لـ "جلسة التجديد " عاد الأمل من جديد، اعتقد أنها المرة الأولى التي نكشف فيها عن أسناننا، تحدث الجميع عن طموحاته وأحلامه، كان الأمل يجعل الدقائق البطيئة تسير بسرعة، قلت حالات الإغماء ونوبات الجنون، انتهت الكوابيس والهواجس، في هذا اليوم الموعود وقفنا أمام القاضي ننصت لكلماته باهتمام وانتبهنا لكلمات المحاميين، تلقينا إشارات الأصدقاء من الخارج، كنا نعد أنفسنا للخروج بما لا يدع مجالًا للشك، تنحنح القاضي وزفر أنفاسه بصعوبة، نظر في وجوهنا بامتعاض ثم ألقى علينا خبر التجديد، تظاهرنا بالتماسك، تبادلنا الابتسامات الصامتة، ثم عدنا مرة أخرى إلى الأبيض، إلى الدقائق الرتيبة من جديد.


أتحدث عن معتقلي الاتحادية، إسلام , عربي، ميزا، محمود هشام، ميمو، سناء، سلوى، يارا.

الاتحادية معتقلين طرة محاكمة معتقلى على حلبى

أسعار العملات

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 30.8414 30.9386
يورو 33.1144 33.2311
جنيه إسترلينى 38.6967 38.8310
فرنك سويسرى 34.9241 35.0499
100 ين يابانى 20.5514 20.6202
ريال سعودى 8.2235 8.2498
دينار كويتى 100.0858 100.4336
درهم اماراتى 8.3968 8.4239
اليوان الصينى 4.2869 4.3013

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 4,114 شراء 4,149
عيار 22 بيع 3,771 شراء 3,803
عيار 21 بيع 3,600 شراء 3,630
عيار 18 بيع 3,086 شراء 3,111
الاونصة بيع 127,954 شراء 129,021
الجنيه الذهب بيع 28,800 شراء 29,040
الكيلو بيع 4,114,286 شراء 4,148,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الخميس 11:30 صـ
16 شوال 1445 هـ25 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:44
الشروق 05:18
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:28
العشاء 19:51

استطلاع الرأي